-->

حافظ البرغوثي : ايام سمهدانية من غزة والشيقل وابو عمار

ايام سمهدانية من غزة والشيقل وابو عمار
اثار لقاء السيدة المناضلة عايدة عطايا ابو سمهدانة في اروقة المؤتمر السابع لحركة فتح ذكريات من غزة ايام الجمر والصمود على حافة رفح، كنت في الانتفاضة الاولى اتردد على غزة لأنقل بقلمي وعدستي عذابات غزة وصمودها واروي حكايات شهدائها وأنام كيفما اتفق سواء في فندق" أم محمد" قبالة بيت اخينا احمد اليازجي حيث كنت اعبر الشارع الى بيته ليلا اثناء منع التجول ونسهر نتحدث عن الوضع او في مخيم جباليا او في بيت عطايا ابو سمهدانة بيت الكرم والنضال والشهداء او بيت صديقي اسعد يونس. كان بيت عطايا  ملاذي  في تلك الايام  وكان الإبن الشاب طارق "استشهد لاحقا في سنة 88" دليلي هناك يحدثني عن شقيقه الشهيد صقر الذي استشهد في لبنان وعن صمود والده عطايا ووالدته في السجون وعن اخيه المطارد جمال آنذاك، وكان الأخ سامي  بدأ محركا لخلايا فتح في بداية الانتفاضة  ودعاهم الى البيت في احدى المرات والتقطنا صورا معهم. وعندما رحل عطايا الرجل العملاق جسدا وهمة ونضالا بكيته في مقال وعندما استشهد جمال الذي لم اقابله  سنة 2006 بعد مشاركة لجان المقاومة الشعبية التي اسسها في مطلع الانتفاضة الثانية في عملية خطف شاليط وقبلها تدمير دبابة ميركافا كتبت عنه ايضا. فالرجل ظل وفيا لسلاحه وقيل لي قبل استشهاده ان الناعق باسم احد الفصائل الضجيجية جاءه يطلب منه ان يوقع على بيان فصائلي ضد مقال كتبته منتقدا الصواريخ العبثية التي كانت تسقط على منازل في غزة وتقتل الناس فرفض  وقال لصاحب البيان البرغوثي لا يستحق  هذا واعرف عنه منذ عقود وصدر البيان دون توقيعه ولكن بتوقيع فصيل انتهى واختفى الناعق باسمه ولم يكن فوق الشبهات.
كانت غزة عزيزة على القلب وافردت لها  الصفحات في القبس الكويتية آنذاك وحتى في الحياة الجديدة كانت التغطية المحلية لغزة اكبر من الضفة وبعد الانقلاب استاء مسؤول الاعلام في حماس من الصحيفة فرفع دعوى امام محمكة لحماس وحمكت على العبد الفقير لله بالسجن غيابيا والغرامة  لمخالفتي قانونها للنشر.
آخر عهدي بغزة كانت يوم الخميس السابق لإندلاع الانتفاضة الثانية اي يوم 27 سبتمبر ايلول سنة 2000 حيث ذهبت لللقاء الرئيس الشهيد ابوعمار وبحث امور تخص الصحيفة فقرر عقد اجتماع لمجلس الادارة يوم الاحد التالي وطلب من الأخ رمزي خوري ابلاغ الاعضاء وقال انه سياتي الى رام الله يوم السبت وقبل مغادرتي الى الفندق  قلت له ارى ان الصحف الاخرى رفعت سعرها الى شيقلين فهل  نفعل مثلها فقال ابو عمار لا وأضاف هل تعلم ان الشيقل يطعم عائلة خبزا في غزة! 
 وفي الصباح  توجهت الى حاجز ايريز ومررت بميدان فلسطين لأركب سيارة فلاحظت مطعما ودخلت لاتناول الفطور لانني كنت اتوقع غليانا بعد صلاة الجمعة في المسجد الاقصى بعد زيارة شارون الاستفزازية للمسجد قبلها بيومين ما يعني بقائي في الجريدة بلا اكل، دخلت المطعم فوجدت كومة بصل ورزما من الأرغفة على احدى الطاولات وطلبت صحن حمص وعندما انتهيت طلبت الحساب فقال صاحبه شيقل ونصف الشيقل وهنا فهمت ما كان يقصده ابو عمار الرحيم بشعبه  بينما كان السعر في رام الله سبعة شواقل. وكان ذاك آخر عهدي بغزة الطيبة الصابرة. اعادها الله الينا واعادنا اليها لنكون بنيانا مرصوصا. والله من وراء القصد .

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *